جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
شرح لمعة الاعتقاد
219332 مشاهدة
تفسير السلف للقرآن لفهم مراد الله

السلف رحمهم الله فسروا القرآن كله يدل على ذلك تفسير ابن جرير الطبري الذي يروي فيه بالأسانيد ما أثر عن الصحابة وعن التابعين من تفسير القرآن.
فيروي التفسير عن ابن عباس وهو ممن اشتغل بالقرآن وفهمه ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل فاستجاب الله تعالى دعوته ففتح الله عليه.
يروي أيضا عن ابن مسعود تفسيرا للقرآن وابن مسعود أيضا من علماء الصحابة وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه من حملة القرآن قال خذوا القرآن عن أربعة عن ابن أم عبد وهو ابن مسعود فبدأ به.
وكذلك وصفه عثمان بأنه كنيف ملئ علما كذلك أيضا عن تلامذتهم فسروه كله فمجاهد ذكر أنه قرأ القرآن ثلاث مرات على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته يقف عند كل آية ويسأله عن معناها.
ابن مسعود رضي الله عنه يقول ما من آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم متى نزلت وأين نزلت وفيما نزلت ولو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لأتيته فدلنا ذلك على أنه رضي الله عنه كان من حملة القرآن وأهل العلم به.
لم يذكروا أنه قال إن هذه الآية لا معنى لها أو أن هذه لا تبحث عنها أو أنها من المتشابه الذي لا يعرف معناه بل تكلموا في القرآن كله فدلهم على أن مراد الله تعالى من هذه الآيات أن تفهم وأن يعرف معناها وهذا بخلاف ما يقوله هؤلاء المؤولون والمبتدعة.
فإنه يلزم على قولهم أن يكون القرآن ليس عربيا أو ليس فصيحا أو معانيه مجهولة أو لا يجوز الخوض في آيات الصفات خاصة أو لا تأخذوا صفات الله تعالى من القرآن ولا من السنة وإنما خذوها من عقولكم هذا لازم قولهم.
فلذلك إذا تعسر علينا فهم شيء فإننا نقول: إن هذه الأدلة التي لم نفهم دلالتها نقول إن علمها عند الله تعالى إلا أننا نعرف أن لها معنى، وكذلك أيضا نقول: إن الذي يتوقف السلف عن معرفته هو كنه تلك الصفات وتكييفها كنهها وماهيتها وما هي عليه فإن هذا من العلم الذي لا تدركه الأفهام.